شرح نموذج بيرلو :
بذلت عدة محاولات علمية لتحليل عملية الاتصال ووصف أبعادها وعناصرها، وما يهمنا التأكيد عليه، في حدود هذه الدراسة، أن أغلب - إن لم نقل جميع- الدراسات التي تناولت موضوع الاتصال الجماهيري أكدت على أهمية الوسيلة الاتصالية ودورها المؤثر والرئيسي في عملية الاتصال الجماهيرية.
وفي هذا الصدد يمكن أن نشير إلى نموذج (ديفيد برلو) الذي يرى أن هناك أربعة عناصر تكون العملية الاتصالية وتشمل : المرسل والرسالة والوسيلة والمستقبل.ومن النماذج المهمة التي أسهمت في بناء نظريات الاتصال النموذج الذي قدمه (ولبر شرام ) في عام 1974 ف طوره في عام 1971 ف وفي هذا النموذج يقدم شرام العناصر الأساسية على النحو التالي :
أ)المصدر أو صاحب الفكرة.
ب)التعبير عن الفكرة ووضعها في شيفرة (Code) وصياغتها في رموز لتكوين الرسالة.
ت)المستقبل الذي يتلقى ويفك رموزها.
ث)الاستجابة أو الهدف ورجع الصدى الذي قد يصل أو لا يصل إلى المرسل أو صاحب الفكرة.
شرح نموذج ولبار شرام
ويعتمد شرام في هذا النموذج على أفكار الباحثين شانون وويفر، وبخاصة فيما يتعلق برجع الصدى والتشويش، ويضيف من خلال نموذجه النظام الوظيفي لعملية الاتصال، كما قدم من خلال هذا النموذج مفاهيم مهمة مثل الإطار الدلالي والخبرة المشتركة وأهميتها في عملية الاتصال، وإلى ذلك،نجد أن المؤرخ والكاتب الإنجليزي ويلز (H.G. Wells ) يبين ((إن تطور التاريخ الإنساني هو ظاهرة اجتماعية واحدة تدفع بالإنسان إلى الاتصال بأخيه الإنسان، في مكان آخر أو مجتمع آخر، وهو بذلك ينظر إلى قصة التطور التاريخي البشري على أنها قصة تطور عملية الاتصال، ويقسمها إلى خمس مراحل وهي : الكلام، الكتابة، اختراع الطباعة، المرحلة العالمية، وأخيرا مرحلة الإذاعة والاتصال الإلكتروني، وفي هذه المرحلة الأخيرة لتطور الاتصال أصبح للوسائل الإلكترونية دوراً مهماً في حياة المجتمع، واستطاع الإنسان نقل أفكاره ومشاعره ومعلوماته عبر الحواجز الجغرافية المحدودة باستخدام أجهزة المذياع ثم التلفزيون، وأخيراً شبكة الإنترنيت.
و اخيرا نموذج مارشال ماكلوهان :
ولعل نظرية مارشال ماكلوهان التي ظهرت قبل نحو أربعين عاما، ما تزال حتى اليوم أكثر النظريات الإعلامية انتشاراً ووضوحاً في الربط بين الرسالة والوسيلة الإعلامية، والتأكيد على أهمية الوسيلة في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره، حيث يرى ماكلوهان(أن الوسيلة هي الرسالة) ويوضح أن مضمون وسائل الأعلام لا يمكن النظر إلية مستقلاً عن تقنيات الوسائل الإعلامية فالموضوعات، والجمهور التي توجه له مضمونها، يؤثران على ما تقوله تلك الوسائل، ولكن طبيعة وسائل الأعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات أكثر ما يشكلها مضمون الاتصال.
ويبين ماكلوهان أن وسائل الأعلام التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها ستحدد طبيعة المجتمع وكيف يعالج مشاكله، وأي وسيلة، أو امتداد للإنسان، تشكل ظروفاً وتؤثر على الطريقة التي يفكر بها الناس ويعلمون وفقا لها.
وعرض ماكلوهان أربع مراحل تعكس – في رأيه – التاريخ الإنساني وهي :
أ) المرحلة الشفوية: أي مرحلة ما قبل التعلم، أي المرحلة القبلية.
ب) مرحلة كتابة النسخ: التي ظهرت في اليونان القديمة واستمرت ألفي عام.
ت) عصر الطباعة: من سنة 1500 ف إلى سنة 1900 ف تقريبا.
ث) عصر وسائل الأعلام الإلكترونية من سنة 1900 م تقريباً حتى الوقت الحاضر.
إن طبيعة وسائل الأعلام المستخدمة في كل مرحلة تساعد على تشكيل المجتمع أكثر مما يساعد مضمون تلك الوسائل على هذا التشكيل.
ومن أهم ما جاء في نظرية ماكلوهان عن وسائل الاتصال، أنه يقسم هذه الوسائل إلى (وسائل باردة ) و (وسائل ساخنة ) ويقصد بالوسائل الباردة تلك التي تتطلب من المستقبل جهدا إيجابيا في المشاركة والمعايشة والاندماج فيها، أما الوسائل الساخنة،فهي تلك الوسائل الجاهزة المحددة نهائياً، فلا تحتاج من المشاهدة أو المستمع إلى جهد يبذل أو مشاركة أو معايشة، فالكتابة والتلفون والتلفزيون وسائل باردة، أما الطباعة والإذاعة والسينما فهي وسائل ساخنة. وإذا لم يكن بوسع المرء أن يتفق مع كل ما جاء به ماكلوهان من أفكار يسميها هو اختبارات أكثر منها نظريات،وإذا لم تكن (الوسيلة هي الرسالة ) فمن الواضح أنها أخطر من مجرد أداة لزيادة عدد الجماهير من القراء والمستمعين والمشاهدين، وإذا كان من الصعب أيجاد دليل قوى لا ثبات هذه الأفكار أو رفضها، فأنها على الأقل تجعلنا نتساءل عما إذا كانت وسائل الأعلام لها القدرة على تغيير الإنسان.
وفي الوقت الذي يشير فيه ماكلوهان إلى أن وسائل الأعلام الإلكترونية ساعدت في انكماش الكرة الأرضية وتقلصها في الزمان والمكان، حتى أصبحت توصف بـ ( القرية العالمية Global Village ) وبالتالي زاد وعي الإنسان بمسؤوليته إلى درجة قصوى، فأنه يرى أيضا،أن هذه الحالة الجديدة أدت إلى ما يمكن تسميته بـ(عصر القلق) لأن الثورة الإلكترونية الفورية الجديدة تجبر الفرد على الالتزام والمشاركة بعمق،وبغض النظر عن وجهة النظر التي يتبناها، فوجهة النظر الخاصة الجزئية مهما كان مقصدها لن تغير في عصر الكهرباء والإلكترون الآلي الفوري.
سميحة زيدي
عدد المساهمات: 276نقاط: 555تاريخ التسجيل: 11/12/2009