III - دستـور 1947 و محـاولـة التـهـدئـة مـن فرنـسـا :
1 - أسـبـاب صـدوره :
أمـام ضغــط الحركــة الوطنــية وإصرارها علـى تحقــيق مطالبهــا ، لـم تجــد فرنـسا بدًا مـن الرجــوع إلـى سـياســة الإصلاحات، وتمثلــت هـذه الإصلاحات فـي إصدار قانـون 20 سبتمبــر 1947 وهــو مـا عـرف بـدستــور الجـزائــر ويـعـود أسـبـاب صـدوره إلـى :
- محـاولـة فرنسـا الاحتفـاظ بالجزائـر، فبعـد الحـرب العالمــية الثانـية فقـدت فرنسـا مكانتهـا الـدوليـة، وأدى ذلـك إلـى ظهـور الـوعـي لـدى مستعمراتهـا، وخـوفا علـى مصالحهـا فـي هـذه المستعمـرات ، بـدأت تفكـر فـي إنشــاء اتحـاد فرنسـي شبيـه بالكومنولـث البريطانـي ، ولتعـزيز هـذه الفكـرة وابرازهـا للوجـود واثبـات مكانتهـا فـي مستعمراتهـا، استعـانـت ببعــض الإصلاحات منهــا قانـون 20 سبتمبـر 1947 فـي الجزائــر.
- نشـاط أو ضغـط الحركـة الوطنـية الجزائريـة وإصـرارهـا علـى المطالـبة بـدولـة جزائريـة ذات دستـور وسـيادة.
- محـاولـة فرنسـا التخفـيف مـن ذنبهـا بخصـوص مجـازر 08 مــاي 1945.
2 - بـنـود (( محتـواه ))
أ - الجزائـر جـزء مـن فرنسـا ، يتسـاوى سكانهــا فـي الحقـوق والواجـبات وجنسيتهـم فرنسيـة.
ب - إخضـاع الجزائـر لحـاكـم عام فرنسـي يساعده مجلس تنفـيذي.
جـ - إنشـاء مجلـس جزائـري تشريعـي يتكـون مـن 120 عضـوا ،60 منهـم يمثلـون المجمـوعـات الانتخابـية الأولـى ( فرنسيـون ) و60 آخـرون يمثلـون المجمـوعـة الانتخابـية الثانـية ( جزائريـون ) وأن قـرارات هـذا المجلـس لا تصبـح نافـذة إلا بـموافقـة الحكـومـة الفرنسـية.
د - يـحـافـظ الـمـسـلـمـون الـجـزائـريـون عـلـى حالـتـهـم الـشـخـصـيـة الإسلامية ولا يـحـول ذلـك بـيـنـهـم وبـيـن الـحـقـوق الـسـيـاسـيـة.
هـ - إلـغـاء الـحـكـم الـعـسـكـري فـي الـجـنـوب وتـحـويـلـه إلـى حـكـم مـدنـي.
و - فـتـح جـمـيـع الوظائف الـعـسـكـريـة والـمـدنـيـة أمـام الـجـزائـريـيـن دون تـمـيـيـز.
ز - فـصـل الـديـن الإسـلامـي عن الـدولـة الـمـسـيـحـيـة.
ك - إلـغـاء الـبـلـديـات الـمـخـتـلـطـة.
3 - مـوقـف الجـزائـرييـن مـن الـدسـتـور :
رفضـه الشعــب الجزائـري وفـي مقـدمتـه الأحزاب السياسية وذلــك للأسباب التالـية :
أ - الدستـور جـاء مشـوه، وفـيه تعـارض مـع مصـالـح الجزائرييـن خـاصـة وأن المادة الأولى تؤكد علـى سياسة الإدماج والفرنسـة.
ب - كـان مفـروض علـى الجـزائرييـن، فلـم يشـاركـوا فـي صـياغـة بنـوده ولـم يصـوتـوا عليـه.
جـ - أكـد التفرقـة بـين الجزائرييـن والفرنسيين، وذلـك عنـد تطرقـه إلـى تكويـن المجلـس الجزائـري، فمـن جهـة اعتبـر الأوربييـن عنصـرا ممتـازا يكـون المجمـوعـة الأولـى، والجزائرييـن عنصـرا منحـطا يكـون المجمـوعـة الانتخابـية الثانــية ومـن جهــة أخـرى نجـده يسـوي بيـن عــدد نـواب الجزائرييـن البالـغ عــددهـم آنـذاك 10 ملاييـن نسمـة، وبيـن عـدد نـواب الفرنسييـن وعـددهـم آنـذاك لا يتجاوز 800 ألف نسمـة.
4 - مـوقـف الأوربـيـيـن مـنـه :
رغـم احتـواء الدستـور علـى بعـض المـواد التـي لا ترضـي الأوربيين مثـل فصـل الـديـن عـن الحكومـة والاعتـراف باللغـة العربـية ، وفتـح الوظائـف أمـام الجزائرييـن، فإنهـم رحبوا بـه لأنهـم كـانوا يـدركـون أن فرنسا لا تطبـق هـذه المـواد و أنها تبقى حبر على ورق.
وفعــلا لـم يعتـرف باللغــة العربـية كلغـة رسميـة ، ولـم يفصـل الـديـن الإسلامـي عـن الحكومــة ، ولـم تفتـح الوظائـف أمـام الجزائرييـن ولـم يلـغ الحكـم العسكـري بالجنـوب ، زيـادة علـى إقـدام الإدارة الفرنسيــة علـى تزويـر الانتخابـات قصـد إنجـاح عمـلائهـا علـى حسـاب العناصـر الوطنــية فـي أول مجلـس جزائري سنـة 1948 ، وبلغـت عمليـة التزويـر ذروتهــا سنـة 1951.
ففـي انتخـابـات 1948 فاز مرشحـوا حركـة الانتصــار للحـريـات الديمقراطــية ب09 مقـاعـد من مجمـوع 60 مقعـد ، كمـا فـاز مرشحـوا الاتحاد الديمقراطـي للبيـان الجزائـري ب08 مقاعــد، أما المقـاعـد 43 الباقـية فقـد فـاز بهـا مرشحوا الإدارة الفرنســية ( بـني نعـم نعـم ).
وفـي الانتخابـات الفرعـية التـي جـرت سنـة 1951 لتجـديد بعـض المقاعـد خسـرت حركـة الانتصـار للحريات الديمقراطـية 04 مقـاعـد مـن مقاعـدهـا 09 ، كمـا خسـر الاتحـاد الديمقراطـي للبيـان الجزائري مقعـدا واحـدا مـن مقاعـده 08، وأصبـح لمرشحي الإدارة الفرنسـية 48 مقعـدا مـن مجمـوع 60 مقعـدا .