بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وبعد:
فهذا بحث متواضع، يتناول موضوع الأسلوبية، من حيث مفهومها وعلاقاتها بالعلوم الأدبية واللغوية الأخرى، ويظهر أهميتها في دراسة النص الأدبي.
وقد اخترت هذا الموضوع بعد فترة تأمل في المناهج النقدية الحديثة، فما وجدت نفسي إلا وهي تختار هذا الموضوع بصورة تلقائية، شعرت بعد الشروع في البحث أن الاختيار قد جاء مع الموضوع الذي تحبه نفسي، خاصة وأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم اللغة وبعلم البلاغة، اللذين أحبهما حباً كثيراً، وأظن أن كل من يدرس اللغة العربية، لا بد له من أن يحب هذين الاتجاهين.
وقد جعلت هذا الموضوع في ثلاثة مباحث:
الأول: الأسلوبية، المفهوم وإشكاليته، فذكرت فيه التعريف اللغوي، والاصطلاحي، وتعرضت لمفهوم الأسلوبية بادئاً بالمفهوم عند القدماء، والمحدثين من العرب، احتراماً للدور العربي في البلاغة العربية، وكونه أساساً لما يتداول الآن في الأسلوبية، مع عدم تنكر للسانيات الغربية وأثرها في بلورة المفهوم والمصطلح.
الثاني: الأسلوبية وتعالقاتها. حيث تعرضت لذكر العلاقات القائمة بين الأسلوبية وكل من: النقد وعلم اللغة، والبلاغة. وبينت أهم الفروق والجوامع المشتركة بينها وبين تلك العلوم، وتوضيح مدى الفائدة التي يجنيها كل علم من علاقته بالآخر، وطرق البحث المترتبة على تلك العلاقة.
الثالث: تناولت فيه إحدى الظواهر التي تهتم الأسلوبية بدراستها، ألا وهي: ظاهرة الانحراف، فتعرضت إلى التعريف بهذه الظاهرة، وبيان الأسس التي تعتمدها في الدراسة النصية، والجدوى من دراسة الانحراف في النصوص الأدبية، وأعقبت ذلك تطبيقاً متواضعاً على نص أدبي وهو قصة أدبية من تأليف القاص الأردني (نعيم محمد الغول) بعنوان "وجوه تلتقي" ضمن مجموعته القصصية "جرح كالنهر" التي نشرها سنة 2004م.
وقد لمحت في هذه القصة كثرة الانحرافات، فقررت اعتمادها كنص أطبق الدراسة عليه، حيث يصلح لمثل هذه الدراسات، وتحديداً انحراف التعبير في القصة.
وقد عدت أثناء إعداد هذا البحث إلى مراجع عدة، وأهم هذه المراجع: الاتجاهات الأسلوبية في النقد العربي الحديث لإبراهيم عبدالجواد، وكتاب عبد السلام المسدي: الأسلوب والأسلوبية، وكتاب يوسف أبي العدوس: الأسلوبية، الرؤية والتطبيق، وكتاب عدنان علي رضا: الموجز في دراسة الأسلوب والأسلوبية.
وفي الحقيقة، أنه لم تواجهني صعوبات تذكر أثناء إعداد البحث، غير أن ما يمكن الإشارة إليه، هو في كون البحث قد استغرق مني وقتاً طويلاً أتى على بعض ساعات النوم التي كنت أعتادها قبل الشروع فيه. ولا أتذمر من هذا بل لأشير إلى أن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك. وقد كنت مستمتعاً أثناء ذلك.
وأحب أن أهدي هذا البحث إلى كل محب للعلم والتعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين