خطـة البحث :
مقدمـــة
الفصل الأول :غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف وجهة تحقيق ثانية
المبحث الأول : غرفة الإتهام في القانون الجزائري
المطلب الأول :التنظيم القانوني لغرفة الإتهام في التشريع الجزائري
المطلب الثاني : تشكيل وتعيين أعضاء غرفة الإتهام
المطلب الثالث : سيرأعمال غرفة الإتهام
المبحث الثاني : مهــام غرفة الإتهام
المطلب الأول : غرفة الإتهام كغرفة استئناف لأوامر قاضي التحقيق
المطلب الثاني : إجراءات الإستئناف و ميعاده
المطلب الثالث : فصل غرفة الإتهام في الإستئناف
المطلب الرابع : آثار الطعن بالإستئناف في أوامر قاضي التحقيق
الفصل الثــاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
المبحث الأول : سلطات غرفة الإتهام في الفصل في الحبس المؤقت و الإفراج و الرقابة القضائية
المطلب الأول : الفصل في طلبات الإفراج
المطلب الثاني : مراقبة مدى قانونية الحبس المؤقت
المطلب الثالث : دور غرفة الإتهام في الرقابة القضائية
المبحث الثاني : سلطة غرفة الإتهام في الجنايات
المطلب الأول : غرفة الإتهام كدرجة تحقيق ثانية في الجنايات
المطلب الثاني : مراقبة إجراءات التحقيق
المطلب الثالث : فحص التكييف القانوني للجريمة و اتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلي
لفصل الثالث : صلاحيات غرفة الإتهام خارج التحقيق القضائي
المبحت الأول : في مراقبة أعمال الضبطية القضائية
المطلب الأول : اختصاصات الشرطة القضائية
المطلب الثاني : إجراءات المتابعة أمام غرفة الإتهام
المطلب الثالث : القرارات الصادرة عن غرفة الإتهام ضد الضبطية القضائية
المبحث الثاني : صلاحيات غرفة الإتهام في الفصل في الطلبات المتنوعة وسلطة رئيسها
المطلب الأول : كيفية الفصل في طلب رد الإعتبار القضائي وآثاره
المطلب الثاني : الفصل في طلب رد اللأشيلء المحجوزة
المطلب الثالث : السلطات الخاصة برئيس غرفة الإتهام
خاتمـــة
مقدمـــة:
إن غرفة الإتهام ليست وليدة البارحة ، بل عرفها القضاء منذ القدم ومرت بعدة مراحل في القانون الروماني ثم في القانون الإنجليزي وكذا الفرنسي ، بحيث ظهر هذا النظام لأول مرة في ظل القانون الروماني القديم ، حيث كانت تسمى بنظام محلفي الإتهام ، لكن عملها كان ينحصر في إثبات وتأكيد وجود الجريمة ، كما ظهر هذا النظام في بريطانيا في أواخر القرن السابع عشر م -أي – سنة 1790 م حيث سمي بنظام كبار المحلفين ، وكانوا يملكون بوليسية و أمنية ولهم صلاحيات واسعة . لكن هذا النظام سرعان ما انتقد بسبب مداولاته السرية وتشكيلته حيث كان يتشكل أساسا من الطبقة الراقية و النبلاء ، فلا يتسنى أي شخص الطعن في قراراتهم ، ثم انتقل هذا النظام إلى فرنسا عام 1791 م بمقتضى قانون التحقيقات الجنائية ، ونظرا للتطورات التي حدثت في المجتمعات ، أدخلت عدة تعديلات على هذا القانون و ألغي و عوض بنظام آخر و المتمثل في غرفة الوضع تحت الإتهام سنة 1811 م ، لكن هذا الأخير لم يخل هو الآخر من الإنتقادات إلى أن صدر بفرنسا في 01/12/1957 م قانون الإجراءات الجزائية الذي عوض نهائيا قانون التحقيقات الجنائية ، حيث غير هذا القانون تسمية الغرفة و أطلق عليها إسم غرفة الإتهام لأول مرة باعتبارها الجهة الوحيدة التي توجه الأتهام النهائي في الجنايات.
أما في الجزائر فقد أعطى المشرع الجزائري بدوره لغرفة الإتهام أكثر شرعية وحاول تنظيم عملها ومهامها وهذا بمقتضى القانون المؤرخ في 16 نوفمبر 1965 و أكد ذلك الأمر الصادر
في 08/02/1966 و المتعلق بتسييرالمحاكم و المجالس القضائية ، ويظهر هذا جليا من خلال تكريس المشرع الجزائري للمواد القانونية من المادة 176 إلى غاية المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية ، حيث أدخل المشرع تحسينات هامة تقتضيها الحاجة وهذا بغيت اتباع الإجراءات السليمة التي تكشف عن الحقيقة بثبوت الأدلة الكافية ، وكذا ضمان حريات الأفراد
و صيانتها ، و حماية الحريات المدنية من كل تعسف قد يطالها من طرف أعوان الدولة و القضاء على حد سواء.
-1-
الفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثانية
الفصل الأول
غرفة الإتهام و اختصاصاتها كجهة تحقيق ثانية
نظم القانون الجديد الصادر بتاريخ 02/03/1959 غرفة الإتهام تنظيما محكما ، حيث أحدث في كل مجلس قضائي غرفة مستقلة تسمى غرفة الإتهام يرأسها رئيس و يساعده مستشلرين مختصين في القضايا الجزائية كما خول هذا القانون للمستشارين القيام بأعمال أخرى إذا اقتضت مصالح الغرف الأخرى ذلك ، حتى بالنسبة لرئيس الغرفة بعدما كان لا يسمح له القيام بوظائف أخرى .
وقدعدل هذا القانون بالمرسوم المؤرخ في 12/02/1960 ، يسمح له القيام بمهام أخرى بالإضافة إلى مهامه في فرغة الإتهام .
المبحث الأول
غرفـــة الإتهام في القانون الجزائري .
لقد مرت غرفة الإتهام بعدة مراحل بدء بالقانون الروماني القديم ثم في القانون الإنجليزي الذي يرجع له الفضل في إنشاء محلفي الإتهام ثم انتقل هذا النظام إلى فرنسا بتاريخ 1791 ، وذلك بمقتضى قانون التحقيقات الجنائية الذي يرجع له الفضل في تنظيم هذا النظام و إعطائه الشؤعية.
وبتاريخ 01/12/1957 صدر بفرنسا قانون الإجراءات الجزائية الذي عوض نهائيا قانون التحقيقات الجنائية ، حيث غيرهذا القانون تسمية الغرفة وأطلق عليها إسم غرفـــة الإتهام لأول مرة وذلك باعتبارها الجهة الوحيدة التي توجه الإتهام النهائي في الجنايات.
المطلب الأول
التنظيم القانوني لغرفة الإتهام.
بعد الإستقلال بقي التقسيم القضائي في الجزائر كما كان عليه في ظل الإستعمار الفرنسي ،
بعد سنة 1965و بمقتضى الأمر 65/28 المؤرخ في 16نوفمبر1965 عدل القانون الذي كان معمولا به وجعل التقاضي على درجتين ، تماشيا مع القاعدة المعمول بها في جميع النظم القانونية
( محاكم درجة أولى ومحاكم أستئناف ، وجهاز أعلى مهمته الرقابة على تطبيق القانون ، و المتمثلة في المحكمة العليا في الجزائر اتلعاصمة والتي كانت تسمى بمجلس الدولة )
-2-
الفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثانية
وبمقتضى المادة الرابعة من الأمر المذكور أعلاه ، حلت المحكم محل المحاكم الكبرى والمحاكم الإبتدائية، كما حلت المجالس القضائية محل محاكم الإستئناف ، و المحكمة العليا هي الجهاز المشرف على رقابة تطبيق القانون .
أما المادة الخامسة من المرسوم رقم 65/279 المؤرخ في 17نوفمبر 1965 ، فقد قسمت المجالس القضائية إلى عدة غرف و أقسام ، و أكدت ذلك المادة الأولى من الأمر الصادر بتاريخ 08 فيفري 1966 المتعلق بتسيير المحاكم و المجالس القضائية ، فقسمها إلى غرفة مدنية ، غرفة جزائية ، غرفة إدارية، و غرفة الإتهام ، إلا أن هذه الأخيرة بقيت محصورة في المجالس القديمة ( وهران ، الجزائر ، قسنطينة ).
وعلى هذا الأساس نشأت غرفة الإتهام كدجة ثانية من قضاء التحقيق على مستوى كل مجلس قضائي ، فنظمها المشرع الجزائري في المواد من 176 إلى 211 من قانونالإجراءات الجزائية .
إن هذا التنظيم الجديد أعاد فيه المشرع للقضاء الجزائري الوجود ، ومسح ما كان عليه من غبار الإستعمار، فقد كرس فيه وحدة القضاء (1) .
المطلب الثاني
تشكيل و تعيين أعضاء غرفة الإتهام .
1/ تشكيل غرفة الإتهام : نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية:" تشكا في كل مجلس قضائي غرف إتهام واحدة على الأقل و يعين رئيسها و مستشلروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل " . ويفهم من هذا النص أنه يجوز أن يكون بالمجلس القضائي الواحد أكثر من غرفة إتهام ، إذا كانت كثافة العمل تتطلب ذلك ، ولكن من الناحية العملية لا يوجد أي مجلس قضائي توجد به أكثر من غرفة واحدة ، على الرغم من كثرة القضايا و تراكمها و كذا عدد القضايا المستأنفة أمام الغرفة و القضايا الجنائية الهائلة المحالة على هذه الغرفة ، إضافقة إلى ذلك عدم تفرغ رئيس غرفة الإتهام لمهامها فقط ، بل له وظائف و مهام أخرى بالمجلس مما يؤثر سلبا على
أعمال الغرفة خاصة القرارات التي تصدرها .
كما نصت المادة 177 من قانون الإجراءات الجزائية على تشكيل غرفة الإتهام بالإضافة إلى الرئيس و مستشلرين (02) ، يمثل النيابة العامة في التشكيلة النائب العام أو أحد مساعديه ، أما وظيفة كاتب الجلسة فيقوم بها أحد كتاب المجلس القضائي .
( 1)- محمد الصالح البشير بوقجار – نشرة القضاة سنة 1996 رقم 5 ص : 25
-3-
الفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثانية
و منه نستنتج أن الطريقة المتبعة في تشكيل غرفة الإتهام تبدو غير عملية ، فهي كثيرا مالا تحترم ، كما أن المشرع الجزائري لم ينص على تشكيل غرفة الإتهام إذا كان أحد المتهمين "حدث" سواء كان مقترف الجريمة وحده أو مع متهمين آخرين .
2/ تعيين أعضاء غرفة الإتهام : لقد نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية على أن تعيين رئيس غرفة الإتهام و مستشاريه يتم بقرار من وزير العدل لمـــدة ثلاث سنوات ، وعليه
نلاحظ عند دراسة نص المادة أن المشرع لم يحدد عدد المستشارين ولم يبين تشكيلة غرفة الإتهام، إلا أنه جرت العادة و العمل على التشكيلة الثلاثية مثل الغرف الأخرى بالمجلس (1).
كما أنه حسب المادة فإن تعيين الرئيس و المستشارين يكون بقرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات ، وهذه الطريقة قد تنشأ عنها بعض الصعوبات ، ففي حالة تخلف أحد أو بعض القضاة المشكلين للغرفة ، يجب على رئيس الغرفة في هذه الحالات أن يخطر وزير العدل كي يقوم بتعيين من يخلفه ، وليس لرئيس الغرفة سلطة ندب أحد أعضاء المجلسلتشكيل الغرفة .
كما أن تعيين أعضاء غرفة الإتهام بقرار من وزير العدل يمكن أن يؤثر في مهام الغرفة لأن الوزير أو الوزارة يمكنها أن تؤثر أو تضغط على أعضاء الغرفة لأنهم يخضعون بطريقة غير مناشرة إليها لكون الوزير هو الذي عينهم بقرار ، وبالتالي يمكنه إنهاء مهامهم بقرارفي أي وقت
و هذا ما يؤثر سلبا على ضمان حرية و استقلالية أعمال و قرارات غرفة الإتهام.
(1)- نجيمي جمال (مقال بعنوان غرفة الإتهام ) نشرة القضاة العدد46 الصادر بتاريخ 08نوفمبر1991ص:20
-4-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثانية
المطلب الثالث
سير أعمال غرفة الإتهام :
1/ إنعقاد الجلسة : تنعقد جلسات غرفة الإتهام حسب المادة 177 من قانون الإجراءلت الجزائية
إما باستدعاء من رئيسها أو بناء على طلب النيابة العامة كلما اقتضت الضرورة لذلك ويفهم من هذا أن انعقاد الجلسات لا يخضع لأي تناوب زمني محدد كباقي الغرف بل يمكن أن تنعقد في أي وقت تدعو فيه الضرورة لذلك ، و السبب يعود إلى نوعية القضايا أو الأوامر المحالــة عليها
والمتعلقة أساسا بحريات الأشخاص المحبوسين احتياطيا (أوامر استئناف ، تجديد الحبس الإحتياطي أو الإفراج المؤقت ) ، حيث يؤكد الطابع الإستعجالي للقضايا المطروحة ، حيث حرص المشرع على وضع شروط وآجال محددة لا يمكن مخالفتها أو التعسف فيها ، وفرض المشرع علـىمن يخالفها عقوبات جزائية.
2/ تحضير الإجراءات :إن المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية ، منحت تولي هذه الإجراءات للنائب العام الذي يجب عليه تهيئة القضية خلال خمسة أيام على الأكثر منذ استلامه أوراقها ويقدمها إلى غرفة الإتهام باعتبارها جهة تحقيق أساسا أن الإستثناء هو شفوية المرافعة
، وبعد تقديم الملف مع طلبات النيابة من طرف النائب العام للغرفة ، يعين تاريخ الجلسة بعدما يقوم هذا الأخير بتبليغ الأطراف و محاميهم بتاريخ الجلسة ، حسب ما نصت عليه المادة 182 من قانون الإجراءات الجزائية .
ويتم هذا عبر رسالة مضمنة توجه للموطن المختار للمعني بالأمر أو آخر عنوان أعطاه أوآخر محل إقامة له ، وعلى النيابة العامة احترام آجال 48 ساعة بين تاريخ إرسال التبليغ وتاريخ الجلسة وهذا في حالات الحبس الإحتياطي ، وخمسة أيام في الحالات الأخـرى ، وأن عدم احترام هذه المواعيد يجعل الإجراء باطلا ، وذلك لما فيه من ضمان لحقوق الأطراف ، ويوضع الملف لدى كتابة الضبط للغرفة مرفوقا بالنسخ و التبليغات حتى تتمكن غرفة الإتهام من مراقبة مدى صحة الإجراءات ، كما تكون القضية بكاملها تحت تصرف محامي الأطراف حسب المادة 183 من قانون الإجراءات الجزائية ، ويسمح للخصوم ومحاميهم بتقديم مذكراتهم لدى كتابة الضبط
الذي بدوره يؤشر على تاريخ وساعة وضع المذكرات ، وهذا ما يسمح للغرفة بتقديم الوقت للأطراف الأخرى للإطلاع عليها.
-5-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
3/ المرافعات أمام غرفة الإتهام : بمجرد وصول القضية إلى كابة ضبط الغرفة ، يعين لها رئيس الغرفة مستشارا مقررا لدراستها و تحرير تقرير بشأنها ، وتقوم المرافعات بتلاوة تقرير المستشار
المقرر ، كما تقوم غرفة الإتهام بالنظر في الطلبات الكتابية للنيابة العامة ومذكرات الخصوم أو محاميهم ، إذ يسمح القانون بحضور جلسة غرفة المشورة احتراما لمبدأ سرية التحقيق ، كما يجيز القانون حسب المادة 184 من قانون الإجراءا الجزائية للأطراف ومحاميهم تقديم ملاحظاتهم الشفوية لتدعيم طلباتهم الكتابية ، كما يجوز لغرفة الإتهام أثناء الجلسة أن تأمر باستحضار الخصوم شخصيا إذا استدعت الضرورة ذلك وكذا تقديم أدلة الإثبات ، كما يجب أن يحضر مع الخصوم محاميهم طبقا للمادة 105 من قانون الإجراءات الجزائية ما لم يتنازل المعني بالأمر عن ذلك صراحة ، كما نلاحظ حسب نص المادة 184 من قانون الإجراءات الجزائية أن غرفة الإتهام تفصل في القضية غي غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار لدراسة القضية ، حيث ورد في نص المادة 199 من قانون الإجراءات الجزائية ما يفيد وجوب ذكر أسماء أعضاء غرفة الإتهام في صلب القرار و الإشارة إلى تلاوة التقرير في الجلسة ، مما يدل على أن إغفال ذكر يلاوة التقرير من نفس المقرر أي المستشار المعين من طرف الرئيس الذي حضر المداولة لدراسة القضيةو النطق بالقرار واستبداله أو تعويضه بمستشار آخر يعرض قرار غرفة الإتهام للإلغاء.
4/ المــداولات : المداولات هي آخر مرحلة للقضية ، وقد تكون المداولات مباشرة بعد المرافعات ، وقد تؤجل إلى جلسة أخرى ، فتوضع القضية في المداولة وتدرس دراسة كافية و تناقش من حيث الشكل و الموضوع ومدى سلامتها .
كما أن مداولات غرفة الإتهام تجري بين أعضاء الغرفة دون حضور النائب العام أو الخصوم أو محاميهم وكاتب الجلسة ، وبعد مداولة الغرفة يتم النطق بالقرار في غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار المقرر و النظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام ، وكذا مذكرات الخصوم.
كما أن هناك خصائص أخرى نذكر منها ما يلي :
- السريــة في المداولات : وهي من ميزاتها فلات يسمح لأي طرف حضور المداولات ، لأن هذه الأخيــرة تتم رئيسها و المستشارين فقط ، كما تمتاز أعمالها بالكتابية ، حيث تتم الإجراءات أمامها بالكتابة عن طريق مذكرات و طلبات كتابية .
-6-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
علانية الجلسة : يجوز لأطراف القضية ومحاميهم حضور جلسة غرفة الإتهام كما أن منطوق غرفة الإتهام يتم علانية بالنسبة للخصوم ، ولكن تنعقد غرفة الإتهام في سرية عن الجمهور حسب المادة 184 من قانون الإجراءات الجزائية لكونها جهة تحقيق ، فهي سرية شأنها شأن أعمال قاضي التحقيق.
- الســـرعة في الإجراءات : وهي من خصائص أعمال غرفة الإتهام ، حيث أوجب قانون الإجراءات الجزائية الفصل في القضايا في أقرب وقت ممكن ، حسب المادتين 178و 179 من قانون الإجراءات الجزائية ، إلا أن هذا القانون لم يقيد غرفة الإنهام بأي أجل للفصل في القضايا باستثناء حالة الحبس الإحتياطي ، الذي شرع فيه بأن غرفة الإتهام ملزمة بالفصل غيها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما ، و إلا تعين الإفراج عن المتهم تلقائيا ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي (1).
(1)- سليمان بارش(شرح قانون الأجراءات الجزائية ) دار الشهاب للطباعة –باتنة سنة 1986 ص : 239.
-7-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
المبحث الثاني
مهام غــرفة الإتـهام
تتمتع غرفة الإتهام باختصاصين رئيسيين : فالإختصاص الأول يتمثل في هيئة أو جهة استئناف لأوامر قاضي التحقيق ، و أما الإختصاص الثاني باعتبارها درجة عليا أو ثانية من درجات التحقيق في القضايا الجنائية .
و يعتبر اختصاص غرفة البإتهام بصفتها جهة استئناف لأوامر قاضي التحقيق من أهم اختصاصات هذه الغرفة ، والدليل على ذلك أن أغلبية القضايا المرفوعة لهذه الغرفة تتعلق باستئناف أوامر قاضي التحقيق من جهة ، و من جهة ثانية تفصل في القضايا المتعلقة بالحبس الإحتياطي و الإفراج المؤقت
المطلب الأول
غرفة الإتهام كهيئة استئناف لأوامر قاضي التحقيق
*الأطراف التي خول لها القانون حق استئناف أوامر قاضي التحقيق :
لقد خول المشرع الجزائري في المواد من 170 إلى 173 من قانون الإجراءات الجزائية لكل من وكيل الجمهورية و النائب العام و المتهم و الطرف المدني استئناف أوامر قاضي التحقيق ، إلا أنه لم يسمح للمتهم أو الطرف المدني استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق ، بل قصرها في بعض الأوامر التي تمس بمصلحتهما أو حقوقهما وهذا عكس وكيل الجمهورية و النائب العام الذان أعطى لهما القانون السلطة المطلقة في استئناتف جميع أوامر قاضي التحقيق دون استثناء .
1/ وكيل الجمهورية :لقد خول القانون لوكيل الجمهورية استئناف الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق باعتباره ممثل الحق العام و الحارس الأمين على تطبيق القوانين على مستوى المحكمة تطبيقا صحيحا و غير مناف أو متناقضا مع روح القانون ، و لهذا الغرض منح القانون لوكيل الجمهورية استئناف أوامر قاضي التحقيق أو وقع اختلاف في وجهة نظرهما في التكييف و الفهم للنص القانوني و في كيفية تطبيقه .
لقد أجاز القانون لوكيل الجمهورية الحق في استئناف هذه الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق و ذلك أمام غرفة الإتهام باستثثناء بعض الأوامر مثل "الأمر بإرسال المستندات – ملف القضية " إلى النائب العام بمقتضى المادة 166 من قانون الإجراءات الجزائية ، حيث أن هذا الأمر
-8-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
غير قابل للأستئناف لأنه ينقل الملف إلى النيابة العامة لتتصرف فيه في حدود اختصاصها (1).
و لقد نصت المادة 171/1 من قانون الإجراءات الجزائية :"لوكيل الجمهورية الحق في أن يستأنف أمام عرفة الإتهام جميع أوامر قاضي التحقيق ..."
و يستثنى من ذلك مانصت عليه المادة 166 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تستثني أمر إرسال الملف إلى النائب العام ، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الأوامر التي لا يجوز استئنافها مثل الأمر بالإيداع أو الأمر بالقبض الذين يصدرهما قاضي التحقيق ضد المتهمين ، وكذلك بعض الأوامر البسيطة التي لا يجوةز استئنافها كالأوامر الخاصة بالإنابات القضائية و أوامر تعيين الخبراء ، و أوامر التفتيش .
ويجب أن يكون استئناف و كيل الجمهورية بناء على تقرير كتابي لدى كتابة التحقيق بالمحكمة ، يبين فيه أسباب الإستئناف ويعتبر ذلك بمثابة عريضة استئناف حتى يكون الإستئناف مقبولا شكلا
و يجب أن يرفع الإستئناف في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ صدور أمر قاضي التحقيق المراد استئنافه ( المادة 170/2 من قانون الإجراءات الجزائية )(2)
2/ النائب العام : أعطى القانون للنائب العام حق استئناف أوامر قاضي التحقيق في كل الحالات باستثناء أمر إرسال المستندات إلى النيابة العامة (3) و ذلك من أجل تدارك أخطاء و كيل الجمهورية حرصا على تطبيق القانون ، إلا أنه منح للنائب العام أن يمارس حقه في الإستئناف خلال مدة العشرين يوما التالية لصدور أوامر قاضي التحقيق .
و الشيء الملاحظ أن القانون حدد مهلة استئناف النائب العام وجعلها عشرين يوما عكس المدة التي سمح بها لكل من وكيل الجمهورية (المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية ) و المتهم
( المادة 172/2 من قانون الإجراءات الجزائية ) و المدعي المدني ( المادة 173/3 من قانون الإجراءات الجزائية ) ، حيث منح القانون للأطراف المذكورة ثلاثة أيام فقط ، و السبب هو حتى يتمكن النائب العام من مراقبة وكيل الجمهورية خاصة إذا علمنا أن النائب العام يكون مقره (1)Bouzart Pierre –Pinatal Jean (procedure penale/action publique et civil/juridictio/instruction/vois de recours/premiere edition 1970 tome DALLOZ/Paris
(2) الدكتور جلال ثروت (أصول المحاكمات الجنائية – سير الدعوى العمومية ) الدارالجامعية بيروت 1962 ص 159
.(3) أحمد لورجان ( قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ) الشركة الوطنية للنشر و التوزيع – الجزائر – الطبعة 1977 ص57
-9-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
بالمجلس القضائي ، وهناك بعض المحاكم تبعد عن مقر المجلس القضائي بمسافات طويلة، كما أن في كل مجلس توجد عدة محاكم و عدة و كلاء جمهورية ووكلاء مساعدين ، و لهذا يصعب على النائب العام مراقبة وكيل الجمهورية في كل محكمة إذا كانت مدة الإستئناف قصيرة جدا ، و لهذا حددت المدة بعشرين يوما بصفته المسؤول الأول على السهر على تطبيق و احترام قوانين الجمهورية.
3/ المتهم أو محاميه:إن القانون لم يعط السلطة المطلقة للمتهم أو محاميه في استئناف أوامر قاضي التحقيق ، بل قصرها على بعض الاوامر التي تمس بمصلحته (1) خاصة الأوامر التي تقيد من حريته كالأمر برفض طلب الإفراج المؤقت طبقا للمادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية أو الأمر بتمديد الحبس الإحتياطي ( الماد 125 من قانون الإجراءات الجزائية ) و كذلك في حالة قبول طلب الإدعاء المدني من أي طرف في القضية (المادة 274 من قانون الأجراءات الجزائية)
بالإضافة إلى الأوامر المتعلقة بالنظر في الدعوى التي يصدرها قاضي التحقيق من تلقاء نفسه
أو بناء على دفع أحد الخصوم بعدم الإختصاص.
و لايجوز للمتهم استئناف أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بالخبرة ، و قد حددت المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية حق المتهم في استئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الإتهام و التي نصت عليها المواد 74، 125، 127 من قانون الإجراءات الجزائية (2).
كما حددت نفس المادة شروط أو كيفية استئناف المتهم الذي يكون على شكل عريضة تودع لدى قلم كتابة التحقيق بالمحكمة في ظرف ثلاثة أيام من يوم تبليغ المتهم طبقا للمادة 168 من قانون الإجراءات الجزائية حيث يسجل محضر الأستئناف من طرفهم أو من طرف محاميهم .
4/ الطرف المدني أو محاميه : إن القانون أجازللطرف المدني أو محاميه الحق في استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق التي تمس بحقوقه المدنية كالأمر الصادر بألا وجه للمتابعة
Cass crim du 15 nov 1959 –bull Crim n 753 (1)
(2) الدكتور أحمد لورجان ( المرجع السابق ) ص 58
-10-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
أو الأمر برفض الإدعاء المدني أو الأمر بعدم إجراء التحقيق و ذلك طبقا لأحكام المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية ، غير أن استئنافه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينصب على أمر يتعلق بحبس المتهم احتياطيا (1)لأن الحبس الإحتياطي متروك لتقدير قاضي التحقيق ، فلا يتخذه كمبدأ إلا عند الضرورة القصوى التي تمليها مصلحة التحقيق و سلامة إجراءاته .
المطلب الثاني
إجراءات الإستئناف و ميعاد سريانه
تتم إجراءات الإستئناف بتقرير لدى كتابة التحقيق،و يجب على الطرف المستأنف أن يبين في التقرير أسباب الإستئناف و القصد منه ، أي الطلبات التي يلتمسها من خلال استئنافه و يكون الإستئناف في شكل عريضة تقدم لكتابة التحقيق لدى المحكمة
( المواد 171 ، 172، 173من قانون الإجراءات الجزائية)
أما إذا كان المتهم محبوس إحتياطيا ، فإن تقرير الإستئناف يكون لدى كتابة الضبط لدى المؤسسة المحبوس فيها ، حيث يسجل هذا الأخير استئناف المتهم في سجل خاص بالإستئناف
و يتعين على رئيس مؤسسة إعادة التربية تسليم تقرير الإستئناف إلى كتابة ضبط غرفة قاضي التحقيق في المحكمة في ظرف 24 ساعة و إذا خالف هذا الأخير الإجراءات و المواعيد القانونية يتعرض لعقوبة تأديبية طبقا للمادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية .
ويرفع استئناف وكيل الجمهورية و المتهم و الطرف المدني بنفس الشكل الذي تقدم ذكره و ذلك خلال مهلة ثلاثة أيام من تاريخ صدور الامر المراد استئنافه ( المادة 170/1 من قانون الإجراءات الجزائية ) و ذلك بالنسبة لوكيل الجمهورية ، ومن يوم تبليغه للمتهم أو المدعي المدني في موطنه الحقيقي أو المختار أو محل إقامته (المواد 172، 173 من قانون الإجراءات الجزائية)
أما استئناف النائب العام فإنه لا يخضع لأي شكل من الإجراءات ، و إنما يجب أن يبلغ هذا الإستئناف للأطراف المعنية خلال العشرين يوما الموالية لصدور أمر قاضي التحقيق المراد استئنافه( المادة 171 من قانون الإجراءات الجزائية ).و لكي يتمكن كل من له الحق في الإستئناف أن يرفعه في الآجال المحددة قانونا ، أوجب القانون على قاضي التحقيق تبليغ أوامره إلى كل الأطراف برسالة موصى عليها في خلال الـ 24 ساعة الموالية لصدور الأمر (المادة 168/1 من قانون الإجراءات الجزائية )
Cass Crim du 24 /10/ 1962 Bull Crim n 266- Bull Crim du 01/12/1970 (1)
-11-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
ميعاد سريان الإستئناف من النظام العام: إنه لابد من مراعاة سريان ميعاد الإستئناف ومراعاته واحترمه لأن القانون أوجبه و جعله من الإجراءات الشكلية التي تضمن للأطراف حقوقهم المتعلقة به ، فلا يجوز تمديد هذه المدة و المواعيد إلا بالقوة القاهرة أو الظروف الإستثنائية الطارئة
و على كل حال فعدم التبليغ يسمح بالإستئناف خارج المهلة المقررة قانونا .
إن جميع الآجال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية هي مواعيد كاملة لاتحسب فيها يوم بدايتها ولا يوم نهايتها ، كما نصت على ذلك المادة 726 من قانون الإجراءات الجزائية ، وعلى هذا الاساس تعتبر القواعد المتعلقة بالأجال قواعد جوهرية من النظام العام و يترتب على مخالفتها النقض(1).
المطلب الثالث
فصل غرفة الإتهام في الإستئناف
إن من مهام غرفة الإتهام عندما تصل القضية إليها هو البحث في مدى توافرالشروط الشكلية بالدرجة الأولى ، ثم تتصدى لموضوع الإستئناف
1/ البحث في توافر الشروط الشكلية : إن أول عمل تقوم به غرفة الإتهام عندما تصل القضية إليها هو البحث في توافر الشروط الشكلية التي أوجبها القانون في المادة 170 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية الخاصة بالآجال القانونية للإستئناف وصفة المستأنف و الشروط التي أوجبها القانون ، فإذا كانت الشروط الشكلية محترمة و متوفرة فإن غرفة الإتهام تقبل الإستئناف من حيث الشكل ثم تتصدى لموضوع الإستئناف ، وإذا رفضت الإستئناف شكلا فإنها لا تتعرض للموضوع إطلاقا .
2/ الشروط الموضوعية أو موضوع الإستئناف : بعد تأكد غرفة الإتهام من توافرالشروط الشكلية للإستئناف و تقبله شكلا ، تتعرض لموضوع الإستئناف من حيث قابلية الموضوع للإستئناف
و صفة القاضي الذي أصدر الأمر محل الإستئناف مع مراقبة مدى صحة و سلامة هذه
(1) الدكتور أحمد لورجان (النرجع السابق) ص 59
-12-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
الإجراءات وكذلك أسباب الإستئناف القانونيةو ذلك من خلال دراستها للطلبات الكتابية للنيابة العامة و مذكرات الخصوم ومحاميهم .
و بعد دراسة القضية من غرفة الإتهام و تبين لها أن الإستئناف مقبول شكلا و غير مؤسس قانونا قررت تأييد الأمر المستأنف أما إذا تبين لها أن الإستئناف مؤسس قانونا و مبني على أسباب وجيهة قررت إلغاء الأمر كليا أو جزئيا و ذلك حسب أحوال و ظروف القضية
* المداولـــة: و هي آخر مرحلة للقضية أمام غرفة الإتهام بعد تلاوة تقرير المستشار و بعد النظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام و بعد اطلاعها على مذكرات الخصوم و بعد سماع الملاحظات الشفوية لكل الأطراف طبقا للمادة 184 من قانون الإجراءات الجزائية ، تدخل مرحلة المداولة التي تجري في غرفة المشورة في سرية بين أعضاء الغرفة دون حضور النائب العام و الخصوم الآخرين أو محاميهم (المادة 185 من قانون الإجراءات الجزائية و بعد الإنتهاء من المداولة تنطق غرفة الإتهام بالقرار في غرفة المشورة ( المادة 184 من قانون الإجراءات الجزائية ).
المطلب الرابع
آثار الطعن بالإستئناف في أوامر قاضي التحقيق
بصفة عامة إذا حدث في أي موضوع أن ألغت غرفة الإتهام أمر قاضي التحقيق فإن لها أن تتصدى للموضوع أو تحيل القضية إلى قاضي التحقيق نفسه أو قاضي آخر لمواصلة التحقيق .
و من آثار الطعن بالإستئناف في أوامر قاضي التحقيق خاصة أوامر الحبس المؤقت أو الإفراج
ما يلي :
1/ إذا كان وكيل الجمهورية قد استعمل حقه في الطعن الممنوح له بموجب المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية وطعن بالإستئناف أمام غرفة الإتهام في أمر يتعلق بالإفراج عن المتهم صادر عن قاضي التحقيق ، فإن من آثار هذا الطعن أن يوقف سريان الأمر بالإفراج عن المتهم إلى حين الفصل في الإستئناف من طرف غرفة الإتهام .
-13-
لفصل الأول : غرفة الإتهام واختصاصاتها كهيئة استئناف و جهة تحقيق ثاني
2/ إذا تم الطعن بالإستئناف من طرف النائب العام طبقا للمادة 171 من قانون الإجراءات الجزائية في الأمر بالإفراج ، فإن أثر الطعن هنا يكون سلبيا أي لا يوقف التنفبذ
3/ إذا كان المتهم هو الذي طعن بالإستناف أمام غرفة الإتهام في أمر تمديد الحبس المؤقت أو في أمر رفض طلبه الرامي إلى الإفراج، فإن فإن طعنه لا يكون له أثر إيجابي على استمرارية سير التحقيق ، بل يتابع قاضي التحقيق أعمال التحقيق إلى أن تفصل غرفة الإتهام في طلب المتهم .
4/ من آثار الطعن كذلك إلزام غرفة الإتهام بالفصل في الطعن المقدم إليها و المتعلق بالحبس المؤقت خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما .
-14-
ا
لفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
الفصل الثانــي
سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي .
المبـحث الإول
سلطات غرفة الإتهام في الفصل في الطلبات المتعلقة بالإفراج المؤقت
و الحبس الإحتياطي و الرقابة القضائية
لقد خول المشرع لغرفة الإتهام جملة من السلطات و خصها دون سواها من الجهات سواء كانت جهات تحقيق أو جهات حكم ، حيث ترك مسألة البت و النظر فيها لسلطاتها بصفتها جهة قضائية ذات اختصاص شامل ، ولعل أهم هذه الوظائف المخولة لغرفة الإتهام البت في الإفراج المؤقت ، وذلك نظرا لأهمية وخطورة هذا الإجراء الذي يمس بحريات الأفراد و كذا تمديد الحبس الإحتياطي وكذا دور غرفة الإتهام في الرقابة القضائية .
المطلب الأول
الفصل في طلبات الإفرج المؤقت
يعتبر الحبس الإحتياطي كمبدأ عام إجراء استئنافي ، فإذا كانت إجراءات الرقابة القضائية
غير كافية ،فإنه يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بحبس المتهم إحتياطيا وأن يبقي عليه حسب المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية .
و قد عهد المشرع لغرفة الإتهام مراقبة إجراءاته ، كما سمح لها بالأمر بالإفراج عن المتهم في كل وقت ومن تلقاء نفسها ، حيث نصت المادة 127 من قانونالإجراءات الجزائية
بأنه:" يجوز للمتهم أو محاميه طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الإلتزامات المنصوص عليها في المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية ، و التي مفادها استطلاع رأي وكيل الجمهورية من طرف قاضي التحقيق بشرط تعهد المتهم المحبوس إحتياطيا بحضور جميع إجراءات التحقيق و كذا بمجرد استدعائه وأنيخطر مسبقا قاضي التحقيق بجميع تنقلاته ، كما أجازت لقاضي التحقيق أن يأمر من تلقاء نفسه بالإفراج المؤقت عن المتهم إن لم يكن لازما بقوة القانون ، وذلك دائما بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية الذي حب نفس المادة يجوز له طلب الإفراج المؤقت في كل وقت و على وكيل الجمهورية أن يبت في ذلك في مــدة لا تتجوز 48 ساعة من تاريخ طلب الإفراج المؤقت ، وعند انتهاء هذه المـــدة و في حــالة
-15-
الفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
ما إذا لم يبت قاضي التحقيق في الطلب يفرج عن المتهم في الحين حسب المادة 126/2 من قانون الإجراءات الجزائية ، وهذا ما يؤكد حرص وكيل الجمهورية على حريات الأفراد بصفته ممثل المجتمع ، إذا لاتبين له أن حبس المتهم إحتياطيا تعسفبا أو بقائه رهن الحبس الإحتياطي
يشكل خطرا أو يؤثر على المتهم ، خاصة إذا كانت الحالة الصحية للمتهم لا تسمح بذلك.
1/ إجراءات طلب الإفراج المؤقت :
• تبليغ قاضي التحقيق أطراف القضية كل الأوامر التي يصدرها ، طبقا للمادة 168 من قانون الإجراءات الجزائية و ذلك في ظرف 24 ساعـة بكتاب موصى عليه إلى جميع الأطراف .
• بعد تبليغ أمر قاضي التحقيق للأطراف ، يجوز للمتهم أو محاميه أن يرفع استئنافه أمام غرفة الإتهام بالمجلس القضائي،خاصة عن الأوامرالمنصوص عليها في المواد127،125،74من قانون الإجراءات الجزائية طبقا لنص المادة 172 من قانون الإجراءلت الجزائية .
• يرفع الإستئناف بعريضةتودع لدى قلم كتابة التحقيق في ظرف ثلاثة أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم طبق لنفس النادة ، أما بالنسبة للمتهم المحبوس إحتياطيا فيتم الإستئناف بالنسبة إليه أمام كتابة الضبط للمؤسسة المحبوس فيها.
• يجوز لوكيل الجمهورية استئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الإتهام على شكل تقرير لدى كتابة المحكمة خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور الأمر حسب المادة 170/2 من قانون الإجراءات الجزائية .
• يتعين على قاضي التحقيق عند تلقيه طلب الإفراج من المتهم أو محاميه ، أن يرسل الملف في الحال إلى وكيل الجمهورية ليبدي طلباته خلال الخمسة أيام التالية ، كمايبلغ في نفس الوقت المدعي المدني بكتاب موصى عليه لكي يتاح له إبداء ملاحظاته حسب المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية .
• نظرا لخطورة هذا الإجراء أوجب القانون على قاضي التحقيق البت في طلب الإفراج المؤقت بتقرير خاص مسبب خلال مدة لا تتجاوز ثمانية أيام على الأقل من إرسال الملف إلى وكيل الجمهورية .
-16-
لفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
* في حال عدم البت في الطلب من طرف قاضي التحقيق خلال هذه المدة ، يجوز للمتهم أن يرفع طلبه مباشرة إلى غرفة الإتهام لكي تفصل في الطلب بقرار بعد اطلاعها على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام ، وذلك في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ الطلب و إلا يتعين الإفراج المؤقت تلقائيا عن المتهم ما لم يكن قد تقرر إجراء التحيقات المتعلقة بطلبه (المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية )
2/ الحالات التي يستوجب فيها القانون توجيه طلب الإفراج المؤقت إلى غرفة الإتهام :
* في حالة ما إذا طلب المتهم أو محاميه الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق ، ولم يفصل هذا الأخير في الطلب في المهلة المحددة قانونا طبقا للمادة 127/3 من قانون الإجراءات الجزائية ، وهذا خلال مدة لا تتجاوزثلاثين يوما من تاريخ الطلب .
* في حالة رفض قاضي التحقيق للإفراج المؤقت عن المتهم بعد تقديم طلب الإفراج طبقا للقانون
* عندما تكون غرفة الإتهام مختصة في اللفصل في طلب الإفرج المؤقت في الفترة الواقعة بين دورات انعقاد محكمة الجنايات (المادة 128/3من قانون الإجراءات الجزائية )، وكذا في حالة إحالة القضية من طرف قاضي التحقيق على محكمة الجنح و المخالفات ولم يحاكم الشخص
* في حالة صدور حكم بعدم الإختصاص من إحدى المحاكم ، وفي جميع الحالات التي تكون فيها الدعوى قد رفعت إلى الجهة القضائية المختصة ، وهذا ما كانت تنص عليه المادة 128 من قانون الإجراءات الجزائية قبل تعديلها بالقانون رقم 90/24 المؤرخ في 18/08/1990
حيث أغفل المشرع على مثل هذه الحالات عند تعدياه للمادة
* أثناء سير التحقيق التكميلي أو الإضافي ، تكون غرفة الإتهام مختصة في الفصل في طلبات اللإفراج المؤقت طبقا للمادة 190 من قانون الإجراءات الجزائية.
* في حالة تنازع الإختصلص بين القضاة ، وفي جميع الحالات التي لم ترفع فيها القضية إلى جهات قضائية أخرى.
* في حالة الطعن بالنقضمرفوعا ضد محكمة الجنايات أو دور حكم بعدم الإختصاص ، فإن طلب الإفراج المؤقت يكون من اختصاص غرفة الإتهام .
-17-
.
الفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
كما تختص غرفة الإتهام بالفصل في أوامر الحبس الإحتياطي التي يصدرها قاضي التحقيق بقسم الأحداث طبقا للمادة 466/1 من قانون الإجراءات الجزائية .
* وأخيرا تختص غرفة الإتهام و من تلقاء نفسها ، وبعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج المؤقت عن المتهم طبقا للمادة 186 من قانون الإجراءات الجزائية .
المطلب الثاني
مراقبة مدى قانونية الحبس المؤقت
بالإضافة إلى دور غرفة الإتهام و سلطتها في الفصل في طلبات الإفراج المؤقت عن المتهم ، فإنها تلعب دورا آخر في مراقبة مدى قانونية الحبس المؤقت و تسهر على عدم الإفرط أو التعسف في تمديده دون أسباب جدية أو قانونية .
و قد حدد المشرع مدة الحبس المؤقت بأربعة أشهر في غير الحالات المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية ، وقيد سلطة قاضي التحقيق في مجال تمديد آجال الحبس المؤقت و حصرها في مرة واحدة فقط عندما تكون الجريمة محل المتابعة ذات وصف جنائي .
إلا أن المادة 125 مكررمن قانون الإجراءات الجزائية سمحت لقاضي التحقيق إذا استهلك السلطات المخولة له لتمديد الحبس المؤقت لمرتين في الجنايات و احتاج لمدة إضافية من أجل إتمام إجراءات التحقيق ، فيمكن له أن يطلب من غرفة الإتهام تمديد الحبس المؤقت إلى أربعة أشهر أخرى أي يصبح تمديد الحبس في هذه الحالة ثلاث مرات بالإضافة إلى المرة الأولى عند إيداع المتهم أربعة أشهر حيث تصبح مدة الحبس المؤقت ستة عشرة شهرا، شرط أن يقدم طلبا لغرفة الإتهام في أجل شهر قبل انتهاء مدة هذا الحبس ، وفي هذه الحالة تقرر غرفة الإتهام تمديد مدة الحبس المؤقت لأربعة أشهر فقط غير قابلة للتجديد.
إلا أنه نظرا لخطورة هذا الإجراء و المتمثل في حبس المتهم مؤقتا ، و النتائج الخطيرة المترتبة عنه لكونه يمس مباشرة بحريات الأفراد (1)، فإن المشرع ألزم غرفة الإتهام بالفصل في موضوع حبس المتهم مؤقتا في أقرب الآجال ، بحيث لا تتجاوز المدة ثلاثين يوما من تاريخ الإستئناف ، وفي حالة عدم الفصل في موضوع الحبس من طرف غرفة الإتهام يفرج عن المتهم تلقايا وإلا اعتبرحبسه تعسفيا ، ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي ،
(1) الدكتور مأمون محمد سلامة (الإجراءات الجنائية في التشريع المصري- دار الفكر العربي- الجزء الأول ص:565
-18-
الفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
أو يكون محبوسا لسبب آخر ، وذلك طبقا للمادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية ، وهذاما يؤكد لنا الأهمية البالغة و حرص المشرع على حماية حريات الأفراد التي تعتبرأقدس ما حماه القانون .
و تأكيدا لما سبق جعل المشرع الحبس المؤقت إجراءا استثنائيا لا يلجأإليه إلا للضرورة التي تقتضيها مصلحة التحقيق وة سلامة الإجراءات .
إضافة لما سبق نجد أن دور غرفة الإتهام في الفصل في حبس المتهم مؤقتا يظهر عند استئناف وكيل الجمهورية لأمر قاضي التحقيق الرامي إلى ترك المتهم في الإفراج المؤقت ، و ذلك عندما يطلب وكيل الجمهورية من قاضي التحقيق التحقيق في قضية ، وذلك عن طريق طلب إفتتاحي لإجراء تحقيق ، و يلتمس هذا الأخير من قاضي التحقيق إيداع المتهم الحبس المؤقت ، إلا أن قاضي التحقيق يرفض أو يخالف التماس وكيل الجمهورية ويفرج عن المتهم ، ففي أغلب الأحيان يستأنف وكيل الجمهورية هذا الأمر أمام غرفة الإتهام .
- في حالة ما إذا أيدت غرفة الإتهام استئناف وكيل الجمهورية و تأمر بإيداع المتهم رهن الحبس المؤقت ، يتعين عليها في هذه الحالة أن تتولى بنفسها إصدار أمر بحبس المتهم دون إلزام قاضي التحقيق القيام بذلك ، وهذا ما نصت عليه المادة 192 من قانون الإجراءات الجزائية :" إذا كانت غرفة الإتهام قد فصلت في استئناف مرفوع عن أمر صادر عن قاضي التحقيق في موضوع حبس المتهم مؤقتا سواء أيدت القرار أم أيدته و أمرت بالإفراج عن المتهم أو استمرار حبسه أو أصدرت أمرا بإيداعه السجن أو القبض عليه ، فعلى النائب العام إعادة الملف بغير تمهل إلى قاضي التحقيق بعد العمل على تنفيذ الحكم " إن نص المادة المذكورة يثير صعوبات في التطبيق تتمثل في التعارض بين أوامر قاضي التحقيق و غرفة الإتهام و ذلك في حالة ما إذا تبين لقاضي التحقيق عدم الجدوى من حبس المتهم أو استمرا حبسه مؤقتا ، في حين تأمر غرفة الإتهام بحبسه أو العكس.(1)
- بالإضافة إلى سلطة غرفة الإتهام في مراقبة الحبس المؤقت و السهر على عدم التعسف
فيه ، خول القانون لهذه الغرفة سلطة إصدار أمر بحبس المتهم إحتياطيا وذلك في الحالات التي تجري فيها تحقيقات إضافية أو تكميلية ، وذلك في حالة ما إذا قررت غرفة الإتهام الإقراج المؤقت عن المتهم معدلة بذلك قرار قاضي التحقيق ، فلا يجوز لهذا الأخير أن يصدر أمر
(1) بوكحيل لخضر ( الحبس الإحتياطي و المراقبة القضائية في التشريع الجزائري المقارن –د.م.ج ص:196
-19-
الفصل الثاني : سلطات غرفة الإتهام أثناء التحقيق القضائي
حبس جديد بناء على طلب كتابي من النيابة العامة بسحب حق المتهم في الإنتفاع بقرارها (المادة 131/4 من قانون الإجراءات الجزائية ).
إن قرار غرفة الإتهام الرامي إلى حبس المتهم مؤقتا يصدر جماعيا ، إلا أنه توجد بعض يمكن فيها لأحد أعضاء غرفة الإتهام إصدار أمر بالحبس المؤقت ، وذلك في حالة إعادة فتح تحقيق جديد لظهور أدلة جديدة بعد صدور قرارغرفة الإتهام بألا وجه للمتابعة ، فيجوز في هذه الحالة لأحد أعضاء غرفة الإتهام ( الرئيس) أن يصدر بناء على طلب النائب العام أمرا بالقبض على المتهم و إيداعه السجن ريثما تنعقد غرفة الإتهام طبقا للمادة 189 من قانون الإجراءات الجزائية للبحث و مناقشة موضوع التهمة التي سبق أن أصدرت الغرفة قرارا بألا وجه لمتابعة المتهم بشأنها ، إلا أن الإشكال يثور في حالة تعيين أحد أعضاء الغرفة للقيام بتحقيق تكميلي أو إضافي ، هل يجوز لهذا الأخير إصدار أمر بالحبس المؤقت أم تحتفظ غرفة الإتهام بهذا الحق ، حيث يرى الفقهاء في هذا الصدد بأن تفويض غرفة الإتهام أحد أعضائها إجراء تحقيق يفهم منه بأنه يجوز له اتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة ، إلا أن هذه السلطة الممنوحة له تتعلق بإجراءات التحقيق بمعناه الضيق ، أي أن الأوامر القضائية تبقى من اختصاص غرفة الإتهام المشرفة على الملف ، مثل تلك المتعلقة بتمديد الحبس المؤقت أو النظر في طلب الإفراج (1)، مع الملاحظة أن صلاحيات غرفة الإتهام في مادة الحبس المؤقت محدودة و مقيدة بموضوع الحبس المؤقت فلا تتجاوزه ، حيث يقتصر دورها في إلغاء الأمر المستأنف أو تأييده ، ولا يجوز لها أن تتصدى لما هو خارج عن موضوع الحبس المؤقت .
(1) السيد نجيمي جمال (المرجع السابق) ص:26
-20-